ضرورة الدَّعم و التّأيِّيد الإلهي في مسألة الإيمان بالله تعالى !
"و ما يَنطِق عن الهوى" !
"و آيةً لكُم فاتّقوا ربّكُم" !
اعلَموا رحمكم الله أنّ الدّعم و التّأيِّيد الإلهي مِن أعظم العلامات على وُجود الله و صِدق الدِّين و صِحّة الطّريق المُتَّبَع !
يجب على النّاس العُقلاء الانتِباه إلى هذا الأمر و عدم إهماله ! إذْ أنّ إهمال هذا الأمر يجعل الأديان و الجماعات الدِّينِيّة كلّها سواء في الادِّعاء بلا دَليل ! أيْ أنّ كلّ الأديان و الطّوائف الدِّينِيّة تدّعي الصِّدق و الحقّ، و كلّها تُناقِض بعضها و كلّها تَنفُر مِن بعضها !
إنّ الإله الّذي لا يستطيع إثبات وُجوده مع عِبادِه لِتصدِيقهم لا يستحِق أنْ يكُون إلهاً !
إنّ الإله -على حسب القصص الدِّينيّة المذكورة في الكُتب المُقدَّسة- كان -أيْ في ماضٍ فات- موجوداً مع عباده .. فقد أيّدهم دائماً بدعمه لهم و أظهر وُجوده معهم ! و بذلك بيَّن وُجوده و صِدق رُسُله و عِباده !
إنّ إنكار هذا الأمر أشبه بإنكار وُجود الله سبحانه و تعالى ! إذْ لا وُجود لإله غير موجود في دُنيا الهدف و الغاية منها عِبادة الله و طاعته ! فما ذلك الإله الموجود في حياة أُخرى .. و ما سبب غياب دعمه و تأيِّيده لِعباده في هذه الحياة -الدُّنيا- كما كان في قصص دِينيّة قَديمة !
أليس مِن الغريب و العجيب أنْ نقرأ قصصاً عن إله موجود ثمّ لا نرى علامات على وُجوده إلّا قصصاً قَديمة !
ما الّذي ترويه تلك القصص الدِّينِيّة القديمة ! باختِصار إنّما تروي عن إله كان موجوداً في الماضي، و قَد دعم عباده و أيّدهم .. أمّا الآن فاختَفى و غاب وُجوده عن هذه الحياة ! أتغيَّر ذلك الإله يا تُرى أمْ شاخ فعجز أمْ مات ! أمْ ربّما هي فقط قصص خرافية صدّقها النّاس و لا أساس لها مِن الصِّحّة ! فهذا ما يستوجِبه إنكار الدّعم و التّأيِّيد الإلهي .. أيْ زرع الشّكّ في عقول النّاس بصِدق الدِّين !
إذا كان الإله بعد تلك القصص قَد سئم فصمت و ترك الدُّنيا و عباده و جلس ينتظر النّاس في حياة أُخرى يجِدون أنفسهم يعيشونها بعد الموت، فأيّ دليل يتبقّى يُثبِتُ وُجوده إلى الآن ! بل أيّ مجموعة مِن كُلّ تلك الجماعات الدِّينِيّة الّتي تدّعي كلّها الصِّدق و الحقّ في حين يُكذِّب بعضها بعضاً و يُكفِّر .. هي جماعة عباد الله ! و أنّى للمرء أنْ يعرِف الطّريق الصّحيح مِن كُلّ تلك الطُّرق الّتي يدّعي أتباع كلّ طريق منها أنّ طريقهم هي الطّريق الصّحيح لنيل مرضاة الله و استِحقاق تلك السَّعادة الّتي أعدّها الله لِعِباده بعد موتهم !
أليس غريباً و عجيباً أنْ يترك الإله النّاس في متاهة دِينِيّة كبيرة لا مَخرَج منها إلّا الموت ! و هل يحقّ له مُحاسبتهم بعد ذلك ! فأرى (و العياذ بالله) أنّ هكذا إله هو مَن يستحِقّ أنْ يقع عليه اللّوم كلّه ! فإذا ترك النّاس لِيفعلَوا ما شاءوا في الدِّين .. لِدرجة أنّ كلّ دِين يُكذِّب الآخَر، و كُلّ دِين يَنقسِم أتباعه إلى عِدّة طوائف كدِين الإسلام مثلاً .. بينما الله مُلتزِم الصّمت و مُكتفي فقط بالمُشاهَدة .. فأنّى لِحسابه النّاس أنْ يحقّ عليه ! و بحقّ السماء ما هذه المَهزَلة !
إنّ بعض الدِّيانات كالمسيحية و اليهودية قَد جَلعتْ لها علامات تُبيِّن صِدقها و صِحّتها .. و تلك العلامات تتمثّل في عودة أنبياء إلى الحياة الدُّنيا ثانية ! فالمسيحيّة مثلاً تنتظِر عودة المسيح ابن مريم شاهِداً بصِدقها، و لكنّ الإسلام خطّأ ذلك المُعتقَد و أبطله ..
فيقول تعالى : {{ما المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أنّى يُؤْفَكُونَ}} (المائدة ..)
و يقول سُبحانه و تعالى : {{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتُلِ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}} (آل عمران ..)
و كما شاء سبحانه و تعالى و كما اقتضت حكمته .. فقد أَرسَل نبيّاً مبيِّناً الحقّ لِعباده الصّادِقين ! و هذا النّبيّ هو الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام، نبيّ مُسلِم تابِع لِمحمّد و خادِم لِدينه الإسلام !
بمعنى أنّ الإسلام هو الدِّين الحقّ، كما قال سُبحانه : {{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}} (المائدة ..)
و لا إسلام إلّا باتِّباع محمّد ﷺ كما بيّن تعالى في كلامه : {{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}} (آل عمران ..)
و إلى الأدِلّة القرآنية الّتي تُبيِّن وُجود ما يُسمّى بالدّعم و التّأيِّيد الإلهي في مسألة الإيمان بالله تعالى !
يقول سبحانه و تعالى : {{أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ * ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ}} (يونس ..)، "الذين آمنوا .." أيْ اتّبَعوا الله و الرَّسول .. سيُبشّرهم الله بالرؤى و الإلهامات و الكشوف، و أن الله لا يخلف الميعاد .. فهذا هو الفوز العظيم الذي يُفرِّق بينهم و بين غيرهم، و الذين ليسوا ناجين صادقين لن تقوم لهُم قائمة إزاءهم." (الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام، الخزائن الروحانية، الحرب المقدسة)
"و يقول سبحانه و تعالى : {{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ * نَحۡنُ أَوۡلِيَآؤُكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَشۡتَهِيٓ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلٗا مِّنۡ غَفُورٖ رَّحِيمٖ}} (فصلت ..)، لاحِظوا الآن، لقد عدّت المكالمة الإلهية و القبول في حضرة الله و كونه تعالى وليّا و كفيلا و تأسيس حياة الجنة في هذه الدنيا و كون الله حاميا و نصيرا لهم، آيةً." (مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، المصدر المذكور قبله)
"و كذلك الآية : {{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِ}} (إبراهيم ..)، تُشير إلى العلامة نفسها و هي أنّ الناجي الحقيقي يحمل الثمار الطيّبة في كُلّ حين، و ينال ثمار البركات السماوية دائما." (الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام، نفس المصدر المُشار إليه قبله)
و يقول تعالى : {{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}} (البقرة ..)، "أيْ أنّ الذين آمَنوا بالله و الرسول إذا أرادوا أنْ يَعرِفوا ما هي الإنعامات التي يُكرمهم الله بها و هي خاصة بهم دُون غيرهم، فقُل لهُم بأنّي قريب، بمعنى أنّ الفَرق بينكُم و بين غيركم هو أنّكُم قريبون منّي و مِن خواصي أمّا الآخرون فبعيدون و مهجورون. و عندما يدعوني أحد منكُم فأُجيبه أيْ أُكلِّمه و أتحدّث إليه، و أُجيب دعاءه ... و قَد ذكر الله علامات الناجين في عدّة آيات لو سجّلتُها كلّها لَطال المَقال كثيرا. و منها : {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}} (الأنفال ..)" (الإمام المهدي و المسيح الموعود عليه السلام، المصدر السّابق ذكره)
و السَّلام على مَن اتّبع الهُدى.
التصنيف :
مقالات عقائدية