الفتنة التي حدثت في صدر الإسلام.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو، أين تولدت الفتنة؟
لقد اعتبر بعضُ الناس عثمانَ سببا لها والبعضُ الآخر عليًّا رضي الله عنهما.
ويقول البعض إن عثمان ابتدع بعض المحدثات التي أدت إلى نشوء الثورة في المسلمين.
ويقول البعض إن عليًّا بدأ بمحاولات سرية للحصول على الخلافة وخلق ضد عثمان معارضة أدت إلى قتله.
ولكن كلا الأمرين خطأ، إذ لم يبتدعْ عثمان شيئا، ولم يدبِّر عليّ لقتل عثمان ولم يشترك في أية مؤامرة لقتله بُغية الحصول على الخلافة.
إن عثمان وعليًّا رضي الله عنهما بريئان من هذه التهم براءة الذئب من دم يوسف، وكانا شخصيتين مقدستين إلى أقصى الدرجات.
ولقد قدم عثمان للإسلام خدمات حتى قال النبيﷺ فيه: ما ضرَّ عُثْمَانَ ما عمِلَ بعدَ اليومِ. (سنن الترمذي، كتاب المناقب، مناقب عثمان بن عفان).
ولكن ليس المراد من ذلك أن اللهﷻ لن يؤاخذ عثمان ولو انحرف عن الإسلام، (والعياذ بالله) بل المراد هو أنه قد تحلى بصفات متميزة وقد تقدم في الحسنات حتى استحال أن يصدر منه عمل يخالف أوامر الله تعالى.
فلم يكن ممكنا لعثمان أن يشرع شيئا معارضا لتعاليم الإسلام كما لم يكن ممكنا لعليٍّ أن يقوم بتخطيط سري للحصول على الخلافة.
وفي رأيي هناك أربعة أسباب لهذه الفتنة الهائلة.
#الأسباب الأربعة للفتنة:
الأول: يكون الناس عادة ميالين بطيبعتهم إلى الحصول على المال أو المكانة الدنيوية إلا الذين طهّر الله تعالى قلوبهم بوجه خاص.
فإن بعضا من حديثي العهد بالإسلام الذين كانوا ناقصي الإيمان بدأوا يحسدون الصحابة لما نالوه من مراتب واحترام وتقدم وسلطة.
وبدأوا يتوقعون من المسلمين أن يتخلوا عن أمور الحكومة والسلطنة ويعطوا جلّ أمورها في أيديهم حتى تتسنى للآخرين أيضا فرصة لإظهار مؤهلاتهم. وبالإضافة إلى ذلك كان الحساد يستاؤون من أن الحكم كان في أيدي الصحابة وكانوا يعطَون نصيبا من الأموال أيضا.
فكانت قلوبهم تحترق كمدًا فظلوا ينتظرون وقوع ما من شأنه أن يفرّق شمل النظام القائم ويؤدي إلى مآل الحكم إلى أيديهم فيظهروا قدراتهم في الإدارة ويحصلوا على الأموال والعظمة الدنيوية.
يمكن غض الطرف إلى حد ما عن مثل هذه الأفكار في الحكومات الدنيوية، بل يمكن اعتبارها معقولة أيضا في بعض الأحيان لأن الحكومات الدنيوية تكون مبنية على الأسباب الظاهرية كليةً.
وأهم الأسباب الظاهرية للتقدم هو إدخال الأفكار الجديدة والروح الجديدة إلى هيكل الحكومة، وهذا لا يمكن إلا إذا تخلى القدامى عن العمل من تلقاء أنفسهم وأفسحوا المجال للجدد.
الثاني: لما كانت الحكومة الدنيوية تستمتد قوتها من العوام بما يُعرف بالنيابة العامة، تحتَّم عليها أن تحترم الرأي العام وأن يكون لممثلي الشعب دخل في إدارة شؤون الحكومة.
أما في الأحزاب الدينية فالأمر يختلف تماما عن الحكومات الدنيوية، حيث يقدَّم مبدأ الالتزام بالقانون المنصوص عليه على كل مبدأ آخر، ويُمنع تدخُّل الأفكار الشخصية كليًّا إلا في الأمور الفرعية التي سكتت عنها الشريعة.
والأمر الآخر أن السلطة في الأحزاب الدينية تأتي من الله تعالى، ويتحتم على أصحابها الذين في أيديهم زمام الأمور ألا يدَعُوا الناس ينحرفون عن الصراط المستقيم في الأمور الدينية.
وبدلا من أن يمثلوا رأي عامة الناس يجب عليهم أن يصوغوا أفكار الناس في قالب خاص يهيأه الله تعالى مناسبا لحاجات ذلك العصر.
#الخلافة الإسلامية كانت نظاما دينيا:
وباختصار، فإن هذه الاعتراضات نشأت في قلوب الناس لعدم فهمهم حقيقة الإسلام، إذ لم يدركوا أن الخلافة الإسلامية ليست حكومة أو سلطة دنيوية، كما لم يكن الصحابة مثل حكام الحكومات الدنيوية. والحق أن الخلافة الإسلامية كانت نظاما دينيا أقيم على ضوء أحكام القرآن الكريم المذكورة في سورة النور.
وكان الصحابة - رضي الله عنهم - بمنزلة أركان الدين الذين أوجب الله تعالى اتباعهم من أجل الحصول على المدارج الروحانية.
لقد ترك الصحابة مشاغلهم وتجاراتهم واختاروا الفقر والمسكنة وعرّضوا أنفسهم للأخطار وتخلوا عن صحبة الأقارب وهجروا أوطانهم وضحّوا بأفكارهم وعواطفهم من أجل حب النبيﷺ وصحبته. وبعضهم درس الإسلام على يدهﷺ درسا درسا إلى ربع قرن تقريبا ثم عملوا به وقوَّوا الجانب العملي منه.
فكانوا يدركون جيدا المعنى الحقيقي للإسلام وهدفه وحقيقته، وكيف يجب العمل بتعاليمه، والفوائد التي يمكن للإنسان أن يجنيها نتيجة العمل بها.
وباختصار، لم يكن الصحابة حكاما أو أعضاء سلطنة دنيوية بل كانوا كلهم معلِّمي الدين الأخير والشريعة التي جاء بها خاتَم الأنبياءﷺ .
وكان قد فُرض عليهم أن يعلِّموا الناسَ الإسلامَ بقولهم وفعلهم ويرسموا صورته في قلوبهم ويجعلوه منطبعاً في جوارحهم. إنهم ما كانوا أنصار الاستبداد بل كانوا حماة الشريعة الغراء.
كانوا براء من الدنيا، ولو كان في وسعهم لطلّقوها طلاقا باتا واختاروا زاوية الخمول ليريحوا أنفسهم بذكر الله تعالى.
ولكنهم كانوا مضطرين بحكم المسؤولية التي ألقاها الله ورسوله على عواتقهم. (1)
فكانوا لا يفعلون شيئا بدافع الأهواء والرغبات الشخصية بل كانوا يأتمرون بأوامر الله تعالى وتوجيهات النبيﷺ .
فالحسد وسوء الظن بهم خطأ كبير.
الحاشية__________
(1) (يتبين بجلاء تام من أحداث وقعت في فترة متأخرة من تاريخ الإسلام كم كان وجود الصحابة مفيدا ومباركا. وبإبعاد وجودهم من ساحة الأحداث لفترة برهن الله على أن عدم تدخلهم في مجريات الأحداث أدى إلى عواقب وخيمة بحيث صار الإسلام في تلك الفترة أضحوكة على أيدي المسلمين المزعومين لدرجة تنخلع لهولها القلوب وتقشعر لفظاعتها الجلود. منه.(أنتهى)
أما الاعتراض على أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يعطَون الأموال بوجه خاص فليس إلا وسوسة. والحق أن الصحابة لم ينالوا إلا نصيبهم الذي كانوا يستحقونه ولم يأخذوا شيئا غاصبين حقوق الآخرين، بل كل شخص .. مهما كان حديث العهد بالإسلام .. كان يأخذ نصيبه مثل السابقين في الإسلام.
نعم! إن أعمال الصحابة وجهدهم وتضحياتهم كانت تفوق الآخرين، وزدْ على ذلك خدماتهم التي قدموها في سابق الزمان وكانوا لا يزالون يقدمونها.
لذا فقد كانوا أكثر اسحقاقا من غيرهم، وذلك بحسب مقتضى العدل وليس ظلما وجورا.
لم يحددوا نصيبهم بأنفسهم بل الله ورسوله حدداه لهم.
فلو لم يعامَلوا المعاملة الخاصة لما تحققت النبوءات التي وردت في القرآن الكريم وأحاديث النبيﷺ عن تقدمهم وازدهارهم ورفاهيتهم وغناهم.
فلو لم يُلبِس سيدُنا عمرُ - رضي الله عنه - سراقةَ بن مالك أسورةَ كسرى عند زوال ملكه واقتسام كنوزه لما تحقق قول النبيﷺ بأنه رأى سوارَي كسرى في يديه.
ومع ذلك أكرر وأقول بأن الصحابة لم يعطَوا شيئا بغصب حقوق الآخرين بل كل مَن كان موظفا في الحكومة - مهما كانت وظيفته بسيطة - كان ينال نصيبه، وكان الخلفاء يهتمون بهذا الأمر اهتماما كبيراً وبحذر شديد.
فكان الصحابة ينالون نصيبهم المستحَق فقط وإن كان ذلك أكثر من غيرهم بناء على خدماتهم وقتها وما سبقها.
ومنهم مَن كان يشترك في الحروب الدائرة فهؤلاء استحقوا تلقائيا ما استحقه الآخرون.
والجدير بالذكر أنه يتبين من التاريخ بجلاء أن الصحابة ما كانوا حريصين على جمع الأموال أو بذلها على أنفسهم بل كانوا يأخذون نصيبهم فقط ليتحقق ما قال الله تعالى والرسولﷺ، وإلا فإن كل واحد منهم كان مضرب المثل في كرمه وجوده وكانت أموالهم تُنفق على الفقراء ورعايتهم.لا مبرر لسوء الظن بالصحابة - رضي الله عنهم -:
فالذين حسدوا الصحابة وأساؤوا بهم الظن فعلوا ذلك بدون أدنى مبرر أو سبب معقول.
فقد بُذرت بذور الحسد وظن السوء على أية حال، سواء أكان لها مبرر أو لا.
والذين لم يعرفوا حقيقة الإسلام في حينها نظروا إلى الصحابة على أنهم غاصبون وبدأوا يتحينون الفرص ليبعدوهم عن أمور الدولة ويسيطروا بأنفسهم على الحكومة والأموال.
والسبب الثاني لهذا الفساد هو أن الإسلام كان قد هيأ لحرية التعبير والعمل والمساواة بين أفراد المجتمع ظروفا لم تتيسر من قبل حتى لكبار الفلاسفة.
وكما تقول القاعدة بأن الذين توجد فيهم عوامل الأمراض .. وإن كانت مخفية .. يتضررون من أفضل الأطعمة أيضا؛ ولذلك ألحق بعض الناس باسم حرية التعبير والعمل ضررا بأنفسهم ولم يقدروا على التقيد بحدودها.
لقد بدأ هذا المرض في زمن النبيﷺ حين اعترض أحد الأشقياء على عدله في توزيع الأموال وقال في وجههﷺ : يَا رَسُولَ اللهِ اتَّقِ اللهَ ... فَقَالَ النبيﷺ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ رَطْبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. (البخاري، كتاب المغازي، باب بعث علي ابن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع)
ثم ظهر لهيب نار هذه الأفكار الخافتة للمرة الثانية في زمن سيدنا عمر - رضي الله عنه - حين قام شخص في المجلس واعترض على الخليفة الذي كان عفيفا ونزيها بكل معنى الكلمة، ومحافظاً على أموال المسلمين بكل ما في وسعه .. وقال: من أين لك هذا اللباس؟
ولكن لم تكن الفتنة قد أخذت صورة مهولة إلى ذلك الحين لأنها لم تجد تربة مهيأة لنموها بعد، كما لم تجد المناخ مناسبا.
أما في عهد عثمان - رضي الله عنه - فقد تيسر كلا الأمرين؛ فانتصبت هذه الشجرة التي أسميها شجرة الاختلال على ساق قوية ثم نمت وتقوَّت في عهد علي - رضي الله عنه - حتى كادت أغصانها ترمي بظلالها على جميع أقطار العالم.
ولكن عليًّا - رضي الله عنه - أدرك مضرتها في حينه وقطعها بيد قوية وضيَّق - على الأقل- دائرة تأثيرها إلى حد كبير، وإن لم يقدر على محوها تماما.
والسبب الآخر حسب رأيي هو أن كثيرا من الناس كانوا قد أحدثوا في أنفسهم تغييرا عظيما في حياتهم متأثرين بأشعة الإسلام النوارنية، ولكن ما كان لهذا التأثير أن يغنيهم عن المعلّم الذي يحتاج إليه الناس دائما لتحصيل العلوم الدينية والدنيوية. وكان هذا الخطر قائماً أيضاً حين دخل الناسُ الإسلامَ أفواجا في عهد النبيﷺ، ولكن الله تعالى كان قد وعده بشكل خاص أنه سوف ينقذ المسلمين من عوارض زمن التقدم هذا.
ومع أن موجة شديدة للارتداد قد تصاعدت فور وفاتهﷺ ولكنها خمدت بسرعة، وعلم الناس حقيقة الإسلام.
أما انتصارات الإسلام الروحانية التي حصلت في إيران والشام ومصر والاختلاط بين الإسلام والأديان الأخرى بعد وفاتهﷺ فقد تسببت في اختلال نظام الإسلام السياسي.
لقد دخل الإسلامَ ملايين وبلايين من الناس وسُحروا بتعليمه الأخاذ حتى صاروا جاهزين للتضحية بنفوسهم من أجله.
فقد ازداد عدد المسلمين الجدد إلى حد كبير من ناحية ومن ناحية ثانية لم تتوفر الإجراءات الضرورية والمناسبة لتعليمهم وتربيتهم.
وكما هو واضح عادة وكقاعدة عامة، وكما يتبين من الدراسة الدقيقة لسلوك الإنسان بشكل عام فإن الحماس الزائد في المراحل الأولى أدى إلى عدم الاهتمام بتعليم الداخلين الجدد وتربيتهم.
فكانوا يقلدون المسلمين في كل شيء، وكانوا ينفذون الأوامر كلها بطيب خاطر، ثم حين أخذ الحماس الابتدائي ينقص تدريجا رأى الذين لم تتسن لهم فرصة تلقي التربية الروحانية العملَ بأوامر الإسلام عبئا عليهم.
مما لا شك فيه أن الأخطاء تصدر من كل شخص، والمعلوم أيضا أن الإنسان يتعلم تدريجاً، فلو كان هؤلاء يريدون أن ينالوا شيئا من التربية الإسلامية لنالوها تدريجاً؛ والحق أن المؤمنين في زمن النبيﷺ كانوا إذا صدر من أحدهم خطأ أقر به بنفسه ولم يخفْ حتى الموتَ رجما، مع أن النبيﷺ نوَّه أنه على الإنسان ألا يفضح نفسه ما دام الله تعالى قد ستره.
أما بعد ذلك فكان إذا عوقب أحد ولو بعقوبة بسيطة جدا، حفاظا على حدود الشريعة، لاستاء منها.
إذن، فقد وُجد من لا يرتدع من هتك أوامر الشريعة لعدم دخول الإسلام في قلبه.
وإذا نُفِّذت بهؤلاء حدود الشريعة سخطوا واعترضوا على الخليفة وعمّاله وجعلوا في قلوبهم غِلاًّ وضغينة لهم وجعلوا يكيدون لقلع النظام من جذوره.
والسبب الرابع لتلك الفتنة في رأيي هو أن الإسلام قد أحرز تقدما خارقا ولم يستطع الأعداء أن يدركوا هذا التقدم الهائل في البداية.
فكان أهل مكة معتزين بقوتهم وضعف النبيﷺ حتى فُتحت مكة فجأة وانتشر الإسلام في الجزيرة العربية، وكان قيصر الروم وكسرى الفرس يستهينون بقوة الإسلام المتنامية وينظرون إليها نظرة احتقار، كمصارع قوي ينظر إلى أولى محاولات وقوف طفل صغير ودبيبه على الأرض.
لقد تمزقت سلطنة الفرس والرومان بضربة واحدة وجّهها النبيﷺإليهما.
ومع تصدي المسلمين للحكومات الجبارة التي استعبدت بني البشر منذ مئات السنين بل ألوفها، ومجابهة جيش المسلمين القليل العدد والأعزل جيش عدو عرمرم، ظن الأعداء أن انتصارات المسلمين هذه ليست إلا مؤقتة وأن مسارها سرعان ما سوف يتغير، وأن هذا القوم الذي نهض كالإعصار سوف يُذرى كالغبار؛فدهشوا إذ الغيومُ انقشعت في بضع سنين ورفرفرت راية الإسلام عالية في جميع أنحاء المعمورة.
إن هذه الانتصارات قد سلبت لبَّ الأعداء فغرقوا في بحر من الحيرة والاستغراب فأكبروا الصحابة ومن تربى في صحبتهم ونظروا إليهم على أنهم فوق البشر، وتلاشت جميع الآمال من قلوبهم.
وبمرور بعض الوقت على تلك الانتصارات قلَّت الحيرة والاستغراب وزال خوفهم وذعرهم نتيجة التعايش والتعامل مع الصحابة فاختمرت في أذهانهم مرة أخرى فكرة التصدي للإسلام وإرساء دعائم الأديان الباطلة، ولكنهم ما كانوا قادرين على التصدي للتعاليم الإسلامية الطاهرة بالحجة والبرهان وكانت حكوماتهم قد انقرضت، وحربة الجبر والاعتداء التي استعملوها لمجابهة الحق والصدق كانت قد كُسرت فلم يبق أمامهم إلا سبيل وحيد وهو أن ينجزوا مهمة العدو متنكرين في ثوب الصديق، ويبذروا بذور الفساد والفُرقة باسم الوئام والوحدة.
فالأشقياء الذين أعماهم نور الإسلام الباهر قبلوا الإسلام في الظاهر وعقدوا العزم على تدميره متنكرين في ثياب المسلمين.
ولما كان تقدُّم الإسلام منوطا بالخلافة ولم يستطع الذئب عيث الفساد وتمزيقَ القطيع بوجود الراعي اتُّفِقَ على القضاء على الخلافة وقطع سلك الوحدة الذي انخرط فيه جميع المسلمين في العالم كله .. لكي يُحرم المسلمون من بركة الوحدة من ناحية ولكي تشقَّ الأديان الباطلة من ناحية ثانية طريقا لتقدمها من جديد مستفيدة من غياب راعي القطيع دون أن يخاف أصحابها ظهورَ دجلهم وخداعهم للعيان.
هذه هي أربعة أسباب قد أدت، حسب رأيي، إلى نشوء هذه الفتنة الهائلة التي هزت أسس ملة الإسلام في عهد عثمان - رضي الله عنه -.
وقد أتى على الإسلام حينٌ فرح به العدو ظاناً أن صرح الإسلام الشامخ سيخوي على عروشه، وسينقرض إلى الأبد الدينُ الذي رسم لنفسه مستقبلا باهرا وواعد حين قال: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} (الصف: 10)
التصنيف :
مقالات عقائدية